حرية الصحافة والتعبير .. حق يمنح أو يطالب به ؟!

اختلطت على الكثيرين في مجتمعنا الليبي بشكل خاص و العربي بشكل عام مفهوم حرية الصحافة و التعبير ، حتى ان هناك من يعتبره حقا يمنح و اخر يعتبره حقا يطالب به وفق حدود متفق عليها ، فيما يراه الاخر حق لا تحده حدود ، خاصة اذا كان صاحبه اعلاميا أو صحفيا ، لأنه يملك السلطة التي تمكنه من الفوز به و استخدامه في مواجهة الحكومة و الجهات التابعة لها .

أصوات استطلعت آراء عدد من الصحفيين حول نقطتين تمثلتا في سؤالين هما ، ماذا تعني حرية الصحافة ؟ وكيف يمكن التوفيق بينها وبين سلطة الحكومة ؟

استطلاع..ربيعة أبوالقاسم

فأجابنا الصحفي حسن الهوني قائلا “حرية الصحافة تعني حقها في الوصول الى المعلومة و النشر أو البث دون عوائق أو ضغوط أو تدخل ، ، والحق في توفير الحماية للصحفيين ، كل ذلك في إطار قوانين مصدرها دستور، ويتطلب تحقيق ذلك استقرار أمني وسياسي ”

منوها إلى إن هناك ضوابط مهنية ومعاييرأخلاقية يجب أن تلتزم بها الصحافة ، وأهمها المصداقية أي التدقيق في صحة ما ينشر أو يبث ، وعدم تلوين الخبر بالرأي أو الايديولوجيا، والموضوعية بالحياد والابتعاد عن المبالغة ، وتجنب كل ما يهين المعتقدات أو يثير النعراتٍ العرقية أو الطائفية وعدم الخوض في الأمور التي يبحثها القضاء ، كما يفترض أن يتمتع العاملون في الاعلام بمختلف وسائله بالتحصيل العلمي والمعرفة الواسعة .

أما بالنسبة للتوفيق بين حرية الصحافة وسلطة الحكومة خاصة في الظرف الحالي فقال” يفترض فقط التزام الصحافة بعدم نشرما قد يشكل خطرا على الأمن القومي للدولة ، وبالطبع هذه كلمة واسعة يمكن أن يجلس الطرفان معا لتحديد مداها ”

و قال الصحفي ..بشير زعبية “هناك خلط قائم بين حرية الاعلام والانفلات الاعلامي، وهو خلط في رأيي ناجم عن عدم الاتفاق على معايير أو ضوابط محددة تفصل ما بين الأمرين،فحين نتحدث عن حرية الصحافة فنحن نتحدث عن التعبير، وهنا لابد أن نستحضر نص المادة (19) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادرفي العام 1948 التي تقر«لكل فرد الحق في حرية الرأي والتعبير، ويتضمن ذلك الحق، اعتناق الآراء دون أي تدخل واستقاء الأنباء و الأفكار و تلقيها وبثها بأية وسيلة كانت دون تقيد بالحدود الجغرافي..”

مضيفا “في هذا المساق ينبغي أن نشيرإلى حق الناس في اصدار الصحف واطلاق المحطات التلفزيونية والاذاعية ، وحرية الصحفي في استقاء المعلومة ونقلها ونشرها، وعدم ممارسة السلطات الرقابة المسبقة على المحتوى، في ظل التشريعات الكفيلة بحماية الصحفيين من الضغط والتضييق المادي والمعنوي الذي يحول دون قيامهم بآداء مهامهم بشكل طبيعي وفق مقتضيات المهنة ، فلاوجود لحرية مطلقة إلّا في حالة الفوضى المطلقة” أما التوفيق بين حرية الصحافة وسلطة الحكومة فالمتغير الذي تمر به ليبيا اليوم من عدم اكتمال بناء المؤسسات العامة وهشاشة الحالة الأمنية العامة ، يتطلب التعاطي مع مفهوم حرية الاعلام بروح عالية من المسؤولية، وتغليب مصلحة الوطن على المكاسب الشخصية ، وأن يصارالى نوع من الشراكة بين الحكومة والاعلام والناس، تقوم فيها الحكومة دوريا بتمكين الاعلام من الحصول على المعلومة واستقاء الخبر وتوفيرالمناخ الذي يشجع الصحفيين على آداء واجبهم المهني باطمئنان، و نقل المعلومة معززة بالدقة والموضوعية والمصداقية، الى الناس ليتفاعلوا معها في سياق صناعة رأي عام واع مستنير”

من جانبه قال الصحفي ..فاتح مناع “حرية الصحافة تتأتى احقيتها في الحصول على المعلومات بطريقة سلسة ومصداقية كاملة ، دون أي ضغوطات أو إكراه أو ابتزاز،للمساهمة في نشر المعلومة الصحيحة خدمة للصالح العام ، ولا يمكن بأي حال التوفيق بين حرية الصحافة والسلطات، إلّا بعد صدور قوانين ولوائح تضمن حقوق الصحافيين ”

و حسب وجهة نظر الصحفي الرياضي ..الشريف الفارسي فإن الصحافة في الدول المتقدمة مصنفة في درجة السلطة الرابعة، وقادرة على التأثيرفي قضايا الرأي العام وتغيير الأنظمة السياسية ، والنقد بموضوعية ومصداقية ،بعيدا عن التجريح ،بينما حكومات دول العالم الثالث لاتتقبل النقد بكل مسمياته ،رغم الفساد المستشري في أوصال مؤسساتها، وقال الفارسي”باعتباري صحفي في حقل الرياضة منذ 20 سنة ، عندما انتقد بعض مسؤولي الأندية أو الاتحادات الرياضية يعتبرونه تشهيرا بهم ، رغم السلبيات الواضحة وعدم احترافيتهم و سوء إدارتهم للرياضة التي تعتبر حمامة سلام توحد شعوب العالم”

وقال الاكاديمي الدكتور.. جمال الزوي “الدولة هي من تفرض النظم وتضع القواعد وتسن القوانين ،وبالتالي فلا يمكن الحديث عن أيّ مظهرٍ من مظاهر الحريات والحقوق والتي نادى بها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان(1948) إلا في ظل نظامٍ يكفل منظومة الحريات ويُقام عليها، “نظام ديمقراطي” بالتتالي الاعتقاد بأنّ ثمة حرية مطلقة للتعبير وخاصة في الصحافة ، اعتقاد منافٍ للحقيقة ،فقط يمكننا الحديث عن مساحات واسعة للتعبير تكفلها طبيعة المجتمعات ذات البيئة الليبرالية التي يتسع المجال فيها لقبول النقد والاختلاف، فرغم ان التعديل الدستوري الأول لدستور الولايات المتحدة أكد على أنه لا ينبغي على الكونجرس أنْ يصدر قوانينَ من شأنها أنْ تحد من حرية التعبيرأوالصحافة، مع ذلك أقرت المحكمة العليا بمواقف محددة يسمح فيها للحكومة بتقييد حرية الصحافة، وفي تقديرنا أنّ معظم دول العالم” الثالث” إذا جاز التعبير، ومن ضمنها ليبيا، لم يحن الآوان بعد للحديث عن هذا المطلب ما لم تقم الدولة الديمقراطية متعافيةً من كل التصدعات ، هذا من ناحية الصحافة العامة والخاصة، أمّا في ظل “صحافة المواطن” التي تكفلها شبكات الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي فإنّ المسألة تفوق معايير ضبط الحريات!! ويمكن معالجتها منفردة.”

الصحفي .. طارق الهوني بدأ تعليقه بما ينص عليه الإعلان العالمي لحقوق الإنسان قائلا “لكل فرد الحق في حرية الرأي والتعبير؛ ويتضمن هذا الحق حريته في تكوين آراء دون مضايقة، والبَحث عن واستقبال ونقل ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها من خلال كافة وسائل الاتصال سواء مكتوب أو مطبوع أو بأية وسيلة أخرى يختارها بصرف النظر عن حدود الدول فهذه الوثيقة التاريخية الهامة صاغها ممثلون لخلفيات قانونية وثقافية عن مختلف أنحاء العالم، وليبيا إحدى الدول الموقعة عليه ” مضيفا “عموم الواقع الصحفي اليوم يقول إن هناك صحافيين يحصرون مفهوم حرية الصحافة في حق الوصول المطلق للأخبار والمعلومات، ويفسرها آخرون بضرورة غياب الإشراف الحكومي والرقابة والمتابعة الأمنية وقد يذهب بعضهم إلى أبعد من ذلك بحيث يعتبر كل ضرر وأذى ناتج عن هذه الممارسة والعمل يمس الآخرين مشمول في ذلك الحق..!! ، بينما في الطرف المقابل وهذا أيضا في الواقع لا ترى السلطة التنفيذية وباقي السلطات الثلاث في وجود (السلطة الرابعة) غير أنه ضيف ثقيل ومنافس مزعج غير مجد للحياة العامة..”

وعن الحالة الليبية خاصة قال  الهوني “من الصعب الحديث عن حرية الصحافة في ظل الوقائع المفروضة منذ عقود، ولا بد من خلق قاعدة متينة وخطة للنهوض على نحو شامل بقطاع الإعلام تعمل على (3) محاور أساسية (التشريعي والمؤسساتي والأفراد) قبل تناول مبدأ حرية الصحافة على شكل منفصل، إذ يصعب وربما يستحيل، الوصول لنتائج حرية الصحافة وحصاد جدواها طالما الغاية من إنشاء المشاريع الإعلامية الترويج للكيانات السياسية أو المصالح الاقتصادية الضيقة أو الدواعي الدينية المتطرفة، والعسكرية المؤدلجة..!! منوها الى أن كل هذا لايمنع عند الحديث عن حرية الصحافة ، ولو مؤقتا من توعية الصحفيين والمواطنين الصحفيين بمعايير العمل الصحفي وتوخي الموضوعية والحياد، وتعزيز قناعة الصحفي والتزامه بأخلاقيات ومبادئ عمله”

اترك ردا

لن يتم عرض بريدك الالكتروني.