دور خطاب الكراهية على الإنترنت في الصراع

عرفت المحامية (ح .م) بجرأتها و اجتهادها بين زملائها و زميلاتها في السلك القضائي ، وكثيرا ما ترافعت في قضايا رفضوا استلام ملفاتها ، لانها تشكل خطرا على حياتهم و وظيفتهم .

في شهر أكتوبر 2020 ، سجلت (ح.م) فيديو خاص بها ونشرته عبر الانترنت، كشفت فيه عن تعرض موكلتها للتعذيب والاغتصاب والانتهاكات الجسيمة على يد عناصر يتبعون جهة أمنية حكومية ، و دعت بشدة الى تطبيق القانون ومعاقبة المجرم حسب الجرم الذي ارتكبه بعيدا عن أي تأثيرات اجتماعية أو وظيفية .

وبعد ساعات من نشرها للفيديو تفاجأت بتعرضها لخطاب كراهية مدجج بالتهديد والسب والشتم للحد من نشاطها وجرأتها ، بل وصل الامر الى التهديد بأسرتها واختطاف بناتها إن لم تتوقف ، وكلما زاد ظهورها زادت حدة الخطاب والتهديد والشتم.

(ح.م) النموذج الذي عبث خطاب الكراهية بمستقبلها وأيضا بحاضرها دفعنا للبحث عن الإجابة لتساؤلات بديهية عن الرأي القانوني والإعلامي والاجتماعي والنفسي ، لاسباب انتشارهذا الخطاب والى اين سيصل بنا .

طارق الباروني ..عضو في المنظمة الليبية لمناهضة خطاب الكراهية ، وله عدة محاولات مع زملاء اعلاميين ، لتحسين الاعلام الليبي من ناحية الهيكل الإداري و القانوني ،حيث اعدوا مسودة سميت بميثاق واخلاقيات المهنة ، فيها كل الإعلاميين للتحلي بها ليكونوا معول بناء لا معول هدم وتشتيت وفق ما أوضحته رسالة المسودة.

قال الإعلامي طارق ” خلال ال10 سنوات الأخيرة تضرر كثير من الاعلاميين ، من بعض زملائهم المتخذين خطاب الكراهية أسلوبا في برامجهم و منشوراتهم، فما كان منهم الا اختيار احد الامرين أما ترك البلاد أو الانسحاب من العمل الإعلامي ، حفاظا على سلامتهم و اسرهم من سموم خطاب الكراهية المحرّض على العنف والقتل والإقصاء”

و ارجع السيد طارق تفاقم خطاب الكراهية واستمراره لغياب أركان الدولة، فتراكمات 40 سنة مضت و ما لحقها من فوضى عارمة في كل المؤسسات ، حالت دون قيامهم كمنظمة بأي عمل يحد من خطاب الكراهية رغم تواصلهم مع مؤسسات إعلامية خاصة و حكومية ولكن لم يتحقق شيء.

كما يظل غياب مؤسسة إعلامية تملك مقدرات قوية وقانونية تدافع عن حقوق الإعلاميين والصحفيين وتحد من خطاب التحريض على العنف والكراهية من الأسباب المؤثرة في تفاقم خطاب الكراهية ، حسب قوله ” حلمنا و سعينا بوجود جسم نقابي ظل حبرعلى ورق ، فوجود هذا الجسم يمكننا من العمل بشكل قوي و قانوني من حيث تقييم المحتوى الإعلامي الذي تبثه القنوات الفضائية المرئية والمسموعة المملوكة والممونة من أفراد وأحزاب ودول تسعى لزعزعة الاستقرار والأمن في بلادنا”

أما سليمة بن نزهة .. و هي رئيس تحرير جريدة فسانيا وهي صحيفة أسبوعية تصدر عن مؤسسة الصحافة فرع الجنوب منذ 2011، وفقدت 3 من أمهر صحفييها (نصيب و موسى و شقيقها عبدالله بن نزهة) وثلاثتهم تم اغتيالهم بسبب خطاب الكراهية على الانترنت.

تأسفت سليمة عن انتشار خطاب الكراهية كالهشيم في المجتمع الليبي وخاصة في الجنوب يؤمن بأن الكلمة الطيبة صدقة ، وقالت ” منذ سنوات تعرض ومازال يتعرض النشطاء والإعلاميون لممارسة خطاب الكراهية هذه الجريمة أفقدتنا زملاء وزميلات اما بالاغتيال أو بالانسحاب من العمل الإعلامي ، واخرها في أزمة جائحة كورونا حيث تلقى بعض الزملاء تهديدات مباشرة بالقتل والتنمر والسب والشتم ، من قبل أشخاص يكتبون بأسمائهم الحقيقية وأخرى أسماء وصفحات مستعارة ، كل هذ لانهم أكدوا وجود إصابات بفايروس كورونا في مدنهم ، في الوقت الذي كان يرفض أهالي هذه المدن الاعتراف بوجود الفايروس ويقولون إنها تحايل من المسؤولين لنهب المزيد من الأموال بحجة كورونا ”

خطاب الكراهية الذي وصفته سليمة بن نزهة بالجريمة التي عرضت حياة الإعلامي والناشط وحتى المواطن لعادي للخطر، وصفته الدكتورة أروى الغول وهي اخصائي علم نفس و أكاديمية و أم لطفلين ، وصفته بالمرض المجتمعي وهو ليس في ليبيا فقط إنما هي في كل دول العالم و ان كان بنسب متفاوتة .

وقالت الدكتورة أروى “هذه الامراض المجتمعية والتي يتصدرها خطاب الكراهية ، تصدرعن أشخاص لديهم انحرافات نفسية ، هؤلاء لا يدققوا في اختيار مفرداتهم و يتعمدوا جرح الأخرين للتشفي، أو لتحقيق أغراض شخصية أو سياسية أو مالية ، و العلاج لا يكون إلّا بالتوعية، والمنشورات الداعية الى الخروج عن أسلوب الحوار العدائي والبحث عن ما يقرب وجهات النظر ويدعم الحوار السليم، الذي يقوده أشخاص لهم ثقل مجتمعي ومشهود لهم بصدق الحديث ، و التوضيح المؤكد بأن الجرائم الالكترونية مهما تمادى القائمون عليها وابدعوا في استغلال الحرية والتقنية لتشويه الاخرين ، بالإمكان الحد منها بالبلاغات عنها عبر وسائل التبليغ الموجودة على الانترنت ”

“من يقل إن خطاب الكراهية في حد ذاته ، فعل غيرمجرّم في القانون الليبي ، لعدم وجود تشريع محدد يعاقب على هذا الخطاب، فقوله مغلوط جدا، لان مصطلح خطاب الكراهية مصطلح حقوقي فضفاض و له عديد التعريفات” هذا كان رد المحامي وائل بن إسماعيل وهو من عائلة لها باع طويل في السلك القضائي ، ويعمل في محكمة طرابلس و له مرافعات قانونية امام عدة محاكم على مستوى ليبيا وقدم العديد من الإستشارات لمنظمات دولية ومحلية.

وقال بن إسماعيل “خطاب الكراهية الصادر عن شخص لغرض التحريض على العنف ضد فئة معينة ، فإن المصّر يعد شريكا فيه و له عقوبة الفاعل الاصل و ذلك وفق ما نصت عليه المادة 100 من قانون العقوبات الليبي ( يعد شريكاً في الجريمة أولاً: كل من حرض على ارتكاب الفعل المكون للجريمة إذا كان هذا الفعل قد وقع بناء على هذا التحريض) و يستوي الامر اذا ارتكبت هذه الافعال عبر الشبكة العنكبوتية أو وسائل الاعلام ، الّا أن الصعوبة و ليس الاستحالة ، تكمن في كيفية اثبات شخصية صاحب الحساب بالنسبة للشبكة العنكبوتيةا ، بطرق الاثبات المنصوص عليها في القانون”

هذا التقرير من ضمن سلسلة تقارير بعنوان “تقارير من أجل التغيير”
“تم انتاج هذه التقرير بدعم من الإتحاد الأوروبي ضمن مشروع ” أصوات من أجل التغير” بالشراكة مع معهد صحافة الحرب و السلام و محتوياته هي مسؤولية شبكة اصوات ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر الإتحاد الأوروبي”
#شبكة_أصوات_للإعلام
#صحيفة_أصوات
www.aswat.ly

إعداد/ أمل صبري

اترك ردا

لن يتم عرض بريدك الالكتروني.