باحث الآثار رمضان الشيباني: “مذكرة التفاهم مخيبة للآمال وهي لصالح امريكا”

لقاء مع باحث الآثار رمضان الشيباني حول الاتفاقية التي وقعت بين ليبيا وامريكيا حول الاثار الليبية.

ما محتوى مذكرة التفاهم حول الاثار المبرمة بين ليبيا وأمريكا؟

هو اتفاق تفاهمي أو مذكرة تفاهم ، فالاتفاقية هذه تعتبر ميثاق شرف بين البلدين و ليبيا ملزمة بتنفيذ ما موجود بها وكذلك أمريكا، وأنا عندي تحفظ كبير على ما ورد في هذه الاتفاقية وعملنا حوالي 3 أو 4 اجتماعات في طرابلس وبنغازي وشحات بخصوص تعديلها أو إلغائها.

لماذا ؟

نحن نسعى لعمل اتفاقيات مع كل دول العالم التي توجد بها آثار ليبية فأمريكا من الدول التي تسمح بالاتجار بالآثار أيضا اسبانيا وبريطانيا تسمح ببيع الآثار والقطع القديمة وفق معايير معينة من ضمنها ملكية الشيء الذي سيباع ، وهذه الاتفاقية جاءت مخيبة لآمال الباحثين والمهنيين والأثرين ، لان الاتفاق جاء محدد بزمن (من- إلى) وهذا خطأ كبير وقعت فيه الحكومة الليبية أو مصلحة الأثار أو الخارجية الليبية .

كيف ؟

تنص الاتفاقية على انه يحظر بيع الآثار الليبية في أمريكا التي عمرها من 12 الألف سنة إلى غاية 1750 سنة، وبموجب هذا الاتفاق يعتبر ما قبل 12 الألف سنة مسموح الاتجار به وما بعد 1750 يسمح الاتجار به ، وهذا خلل كبير جدا لان لدينا آثار كثيرة جدا تباع في الأسواق عمرها أكثر من 12 الألف سنة تصل إلى 200 ألف سنة وأكثر عندنا قطع أخرى أثرية تباع في الأسواق ومعرضة للاتجار ما بعد 1750 ألف سنة، لماذا ربطوا هذا الاتفاق بتاريخ معين .

لماذا لا نكون كباقي الدول على سبيل المثال سوريا عملت مذكرة تفاهم مع أمريكا لكن من مليون سنة إلى غاية 1950 تقريبا ، لماذا ليبيا لم تعمل مثل هذا الاتفاق رغم أن المجال مفتوح وهذه مذكرة تفاهم يجب أنها تكون بالتراضي بين الطرفين إلا إذا فيه ضغوطات من أمريكا لا نعلم بها .

هل اوضحت ذلك للمسؤولين ؟

المشكلة أننا أوضحنا الكلام هذا لمسؤولي المصلحة ومدرائنا  وأنا احد المسؤولين بالمصلحة اوضحناه سواء في التلفزيون أو الراديو أو الصحف أو في ورش العمل والندوات التي نظمناها في بنغازي وشحات وطرابلس وحضرها الكثير من المتخصصين في القانون الدولي والمختصين في الآثار الليبية والمختصين في التاريخ الليبي وكلهم اتفقوا على عدم الموافقة على الاتفاقية خصوصا أن هناك نص داخل المذكرة يشير إليه انه بإمكان أحد الطرفين تعديل هذا الاتفاق لماذا أخذتهم العزة بالإثم مسؤولي مصلحة الآثار ؟ قريبا تصل المذكرة لسنتين ولم يتم تعديل هذا الاتفاق  (قصة عناد فقط) لماذا تقولوا أن الاتفاق خطأ؟ حتى لو أنه فيه جوانب إيجابية من ضمنها رأس التمثال الجنائزي الذي سيتم استرجاعه خلال الأيام القادمة وهذا لا يعني شيء لأن لدينا الكثير من القطع الأثرية خصوصا أن هناك صراع في القرن الثامن عشر والتاسع عشر ونتج عنه الكثير من المخلفات التاريخية وحتى في الحرب العالمية الثانية المخلفات التاريخية والأثرية مثل سفينة فيلادلفيا والطائرة الأمريكية الموجودة في طبرق وكثير من الوثائق والمخطوطات التي ترجع للقناصلة الامريكان في فترة الصراع الليبي الأمريكي في الفترة القرمانلية سنة 1800 إلى حرب السنوات الأربعة التي صار بها حرب ونتج عنها كثير من القطع الأثرية وأمريكا تريد استرجاع هذه الأشياء منها بقايا الفيلادلفيا ورفاة الجنود الأمريكان المدفونين في طريق الشط.

وأنا كنت أحد الأعضاء في اللجنة الليبية الأمريكية قبل ثورة فبراير 2011 التي كان الأمريكان يسعون فيها إلى استرجاع رفاة جنودهم المدفونين في ليبيا و استرجاع بقايا البارجة فيلادلفيا التي كان فيها 44 مدفع لضرب ليبيا ولكن أسقطها البحارة الليبيون في الشط ، فهذه الأشياء غير خاضعة للاتفاق الذي وقعت عليه مصلحة الآثار والخارجية وهذه إشكالية كبيرة جدا بالنسبة لهذا الاتفاق.

هل سيبقى الامر كما هو عليه ؟

نحن نسعى بكل جهدنا في هذه الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد الى تعديل الاتفاقية لأنها مجرد ورقة تبعتها الخارجية للأمريكان ويتم تعديلها بحيث تمدد في الفترة الزمنية ، ولدينا كثير من المقتنيات الأخرى ولم تشملها الاتفاقية منها التاريخ الطبيعي لليبيا منها الشهب والنيازك وبعض المتحجرات العظمية الموجودة في ليبيا بالكامل خصوصا في جبل نفوسة و ما نسميه منجم الديناصورات لأنه وجد فيه كثير من الديناصورات و قد جاء جيولوجيون أمريكان في (شليوني نالوت) و وجدوا بعض بقايا الديناصورات من العظام المكتشفة التي لم تكتشف في العالم إلا في نالوت ولأول مرة وسمى هذا النوع بلحم نالوت لأنه يتغذى على اللحم فهذه كلها أشياء مهددة بالاتجار ويتاجر بها في صفحات الفيسبوك والأسواق والمزادات العالمية ،  اذا وصلت هذه القطع لأمريكا ومن السهل أن تصل لها فلا تستطيع ليبيا استرجاعها بموجب هذه الاتفاقة للاسف!.

ما اسم القطعة الأثرية التي سيتم استرجاعها وكم سنها ومن أين تم سرقتها؟

هو رأس تمثال جنائزي مسروق من شحات وليس من مخازننا وهذا تم نتيجة النبش العشوائي الذي يوجد بليبيا بشكل عام تم استخراج الكثير من القطع الأثرية وخصوصا هذا النوع من التماثيل الجنائيزية الذي ساد وشاع استعماله في منطقة قورينا وشحات وهي تمثال لآلهة اسمها برسيل ديمتري الغلال أساطير يونانية ورومانية وغيرها وابنتها آله بيرسيبوني زوجة اله الموت هذا النوع عبد  بشكل كبير جدا في القرون الميلادية الأولى وقبل الميلاد في منقطة قورينا وشاع استعمالها ووجدت في كل المقابر تقريبا التي اكتشفت في الإقليم والمنطقة وبيع منها الكثير من القطع الأثرية في اسبانيا وبريطانيا واسرائيل ومصر وتونس في فرنسا ومن ضمنها أمريكا وهذا التمثال تم ضبطه في احد المزادات العلنية عن طريق التبليغ عنه لوزارة الخارجية الليبية وتم تبليغ مصلحة الآثار وتم التحفظ عنه وهناك شروط كبيرة جدا في أنك تقول هذا التمثال لنا أو لا ؟ يجب أن يكون عندك بطاقة لهذا التمثال وقياسات وتعريفات وتاريخ اكتشاف وصور من عدة جهات وان مثل هذه التماثيل لا توجد إلا في ليبيا وعندما يعثر عليه في أي مكان في العالم يتم استرجاعه لليبيا وهذا من حسن الحظ لكن هناك تماثيل أخرى ومتكررة وتوجد في كل العالم من الصعب استرجاعها لليبيا إلا إذا كانت مسروقة من متاحفنا أو مخازننا

هل السرقات حدثت قبل او بعد فبراير ؟

سرق الكثير أثناء ثورة فبراير وبعدها إلى حد الآن على سبيل المثال من متحف بني وليد سرق أكثر من 109 قطعة اثرية متحف سلطان بعد سرت سرق اكثر من 55 قطعة اثرية ومتحف مصراتة سرق اكثر من 83 قطعة اثرية من ودائع مصلحة الآثار في البنوك سرق من معهد البنوك التجارية في بنغازي ما لا يقل عن 10 ألالف قطعة أثرية في مرة واحدة وتعتبر اكبر سرقة حدثث في التاريخ من ناحية الكم وهذا فقط ما هو مسجل.

وما هو ليس معلوم لدينا عن طريق النبش العشوائي وقمنا بتنبيه كل الجهات المسؤولة الضبطية والأمنية لكن للأسف الشديد لم يعيروا أهمية لكل هذا والموروث الثقافي اخر اهتمامات الحكومات التي اعتلت ليبيا لانها سرقات كبيرة جدا عندما يجدوا 3 تماثيل وتزن أطنان كيف تم خروجها من ليبيا وكيف تم استخراجها، هذا يعني هناك مافيا تشتغل على مثل هذه الأشياء فخروجهم يحتاج لحاوية وشاحنات نقل.

اين جهاز الشرطة السياحية ؟

جهاز الشرطة السياحية وحماية الآثار لم نر له أي وجود في هذه السرقات وفي هذه الإشكاليات وهناك إهمال من الجهات المسؤولة  في الشرق وفي الغرب ، هناك اهمال كبير من ناحية التبليغ والى حد الآن لم يتم التبليغ إلا على 4 قطع فقط جاءت في نشرة الانتربول بأنها مسروقة من ليبيا في الوقت الذي يفترض تم التبليغ لأكثر من هذا.

هل سجلت سرقات أثار من طرابلس ؟

في طرابلس الحمد لله تداركنا الموضوع في شهر ابريل 2011 وخبأنا ما لا يقل عن 3000 قطعة أثرية من متحف السرايا الحمراء في أماكن آمنة داخل المتحف وقفلنا عليها بالطوب والخرسانة والاسمنت إلى أن استقرت الأمور واستخرجناها ، و لكن بعد ما ساءت الأمور في ال2014  قمنا ايضا بنفس الخطوة والحمد لله لم يسرق من متحف طرابلس إلا بدلة عسكرية للمجاهد سعدون السويحلي وأيضا من متحف ليبيا في قصر الخلد سرقت قطعة فسيفساء صغيرة مجلوبة من صبراتة وبجهود بعض شباب المنطقة تم استرجاعها في نفس الأيام التي سرقت فيها.

اترك ردا

لن يتم عرض بريدك الالكتروني.