الهجرة إلى أوروبا … حلم الشباب رغم خطر الموت

رغم معرفتهم المسبقة بمخاطرتها وصعوبة طرقها والمسافات الطويلة والظروف القاسية وانفاق المبالغ الكبيرة، والقوانين الدولية والعمليات العسكرية الأوروبية للحد منها، إلا أن الرغبة لدى الحالمين بنعيم الأوروبي لا تزال قائمة، طمعا في حياة أفضل من التي يعيشونها داخل أوطانهم المضطربة سياسيا وأمنيا واقتصادياً.

الأعداد أصبحت تتدفق بشكل كبير إلى ليبيا لإستخدامها كمحطة عبور، والرحيل بعدها الى أوروبا عبر البحر المتوسط، حيث قبضت السلطات الليبية على أكثر من 56 ألف مهاجر خلال العام الماضي من جنسيات “ارتريا و اثيوبيا والسنغال والنيجر وتشاد والسودان والصومال وبنقلاديش والباكستان ومصر وتونس واليمن وسوريا”.

جمعة بن حسن مسؤول برنامج العودة الطوعية بمنظمة الهجرة الدولية في ليبيا أفاد لأصوات ليبية | ان المنظمة عملت منذ بداية عام 2017 الى حد الان على العودة الطوعية لأكثر من 8 الآف مهاجر إلى بلدانهم، وذلك عقب تسجيلهم وإجراء فحوصات طبية لهم.

امكانيات محدودة

وبحسب عبد الرزاق الشنيني مسؤول الاعلام بالإدارة العامة لجهاز مكافحة الهجرة، ان عدد مراكز الإيواء القانونية في ليبيا بلغ 28 مركزاً يتبعون فعليا الإدارة العامة، وتصل سعة استعاب المراكز الواحد إلى 1700 نزيل، الأمر الذي يشكل صعوبة بالغة على الدولة الليبية، نظراً لعدم تعاون سفارات الدول التي يحمل المهاجرون غير شرعيون جنسياتهم.

وتعاني عدد من مراكز الإيواء من نقص في بعض الاحتياجات الضرورية والامكانيات التقنية، التي من دورها المساعدة في عمل طواقم الحراسة ورجال الأمن العاملين بمراكز الاحتجاز.

وكان الرئيس الأسبق لبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا مارتن كوبلر، قد صرح في وقت سابق عقب زيارته لمراكز إيواء المهاجرين، عبر حسابه في تويتر بأنه لابد من دعم وتطوير تلك المراكز والاهتمام بها حتى تستمر في عملها بالشكل المطلوب.

واقع مرير

واقع مرير

صحيفة أصوات التقت مع عدد من المهاجريين المحتجزين داخل إحدى مراكز الإيواء بطرابلس واستمعنا لشهداتهم، ويقول أحمد ولد عبد الهادي، شاب من جنوب السودان يبلغ من العمر 28 ربيعاً فضل أن تبلعه الأسماك في البحر المتوسط فضلاً على أن تأكله الديدان في بلده الذي يعاني الأمريين، وهذا ما جبره على ترك بلاده، موضحاً أن تكلفت سفره بلغت 1000 دولار أمريكي.

أما المحتجزة التي تحمل جنسية اريتريا، ونحن نتحدث معها داخل مركز الإيواء ودموعها تنهال على خدها، تقول لنا إن “في بلدي اتعرض للاضطهاد الديني والعنصري، ولجأت إلى ليبيا لأنها دولة مسلمة وتتعامل مع ذوي البشرة السمراء بشكل جيد”.

وبينت السيدة أنها خلال رحلتها انصدمت بالواقع المرير الذي عاشته مع عصابات التهريب في ليبيا والظروف التي عاشتها داخل مركز الإيواء.

اتفاقيات دولية

ووقعت ليبيا العديد من الاتفاقيات ومذاكرات التفاهم مع العديد من الدول أهمها إيطاليا، للحد من تدفق المهاجرين إليها.

وتضمنت هذه الاتفاقيات تدريب أفراد خفر السواحل، وتطوير امكانياتهم التقنية حتى يتمكنوا من أداء عملهم بشكل كبير، وتوفير المواد الأساسية لمراكز الايواء، إلا أن تلك الاتفاقيات لم ترى النور بعد ولم تطبق بالشكل المطلوب كما هو منصوص عليها في الاتفاقيات.

وآخر مذكرة تفاهم جرى توقيعها، كانت خلال زيارة رئيس حكومة الوفاق الوطني فائز السراج إلى إيطاليا في 3 فبراير2017، ولقائه برئيس وزرائها باولو جلتلوني.

وبلغت ميزانية هذه الاتفاقية 800 مليون دولار، وشملت التدريب والدعم وصيانة مراكز الإبواء، والتي قام القضاء الليبي في 21 مارس من هذا العام بقبول الطعن فيها على أن يتم النظر في موضوعها لاحقاً.

كما أن ليبيا موقعة على اتفاقية باليرمو والتي تنص على أن الدول الاعضاء ملتزمين بمساعدة الدول المتضررة من الهجرة.

ومن أبرز الاتفاقيات الموقعة عليها ليبيا أيضاً هي اتفاقية مكافحة الجريمة المنظمة و البرتوكول اللاحق الخاص بهذه الاتفقية والموقعة عليها ليبيا عام 2004 والذي ينص على مكافحة تهريب المهاجرين.

قوانين وتشريعات

قوانين وتشريعات

وينص القانون رقم 19 لسنة 2010 والذي يختص بمكافحة الهجرة غير الشرعية على أن تهريب المهاجرين يعتبر جريمة يعاقب عليها القانون، وينص أيضا على أن دخول البلاد بدون أوراق ثبوتية يعتبر جريمة.

الباحث والقانوني عبد الرحمن غميض أوضح أن الاتفاقيات الدولية التي جرى توقيعها مع ليبيا سواء كانت مع دول المصدر أو المقصد فأنها اتفاقيات لا ترقى إلا أن تكون “حبراً على ورق”.

وللتقليل من تدفق المهاجرين، حث غميض الجهات المختصة في ليبيا على التعامل جدياً مع دول المصدر والعبور والمقصد بشكل فعال ومستمر.

ويقول فتح الله الجدي المختص في شؤون الهجرة واللجوء: “أن المشكلة أكبر من أمكانيات ليبيا كدولة وهي تحتاج تظافراً من قبل المجتمع الدولي بأسره، ولكن ذلك لا يعني حجم تعزيز قدرات الاجهزة الوطنية المعنية بمكافحة الهجرة غير القانونية ومدها بالامكانيات المادية وتدريب عناصرها تدريباً راقياً يوازن بين أمن البلد وحقوق الإنسان فيما يخص المهاجرين غير القانونيين”.

وطرحنا عليه تساؤل حول قضية توطين المهاجرين، بين الجدي أن توطين المهاجرين يتم على حساب ليبيا وشعبها وهي المتضرر الأول منه، إضافة إلى مخاطر الأمراض وانتشار الجريمة وتغيير ديمواجرافية السكان، فهناك تخوف من تكوين مليشيات من المهاجرين وتسليحهم واستخدامهم في الصراعات المسلحة التي تشهدها البلد من وقت لأخر فضلاً عن تسلل الإرهابيين من بينهم.

وستبقى ظاهرة الهجرة غير الشرعية منتشرة ومستمرة، طالماً استمر الوضع الاقتصادي والأمني في تدهور وعدم قدرة الحكومات على توفير حياة كريمة للمواطن، سيؤدي ذلك بالتأكيد إلى اليأس وعدم الانتماء لأوطانهم وعزوفهم على الهجرة لسد الرمق وتأمين لقمة العيش.

اترك ردا

لن يتم عرض بريدك الالكتروني.