غياب الشفافية في الآطر التنظيمية لتراخيص وسائل الإعلام المقروء “الصحف”
تعيش ليبيا فترة تخبط كبير وملحوظ في قطاع الإعلام، والذي يرجع سببه إلى غياب الاطار التشريعي و القانوني المنظم للعمل الاعلامي و الصحفي وفق معايير القوانين الدولية التي تكفل حرية الصحافة و التعبير و تعززها .
كما يرجع خبراء الاعلام والمهتمون بالعمل الاعلامي أسباب الوضع السييء الذي عليه الاعلام الليبي اليوم ، إلى العمل بقانون قديم واحد لا يواكب التطوير ولا يضمن حرية الرأي والتعبير وحرية الصحافة والإعلام بل و يقيدها.
ومن هنا رأينا أهمية البحث والكشف عن الآطر التنظيمية المتبعة لمنح ترخيص مزاولة العمل الصحفي المتمثل في اصدار صحيفة ورقية و معرفة الإجراءات التي يعمل بها مجال قطاع الإعلام الليبي.
فتوجهنا إلى الادارة العامة للمطبوعات والمصنفات الفنية التابعة للهيأة العامة للثقافة ، والتقينا مدير عام إدارة المطبوعات “مبروك الغالي” والذي بدأ العمل في الثقافة والاعلام منذ 30 سنة كمحرر صحفي في عدة صحف ، ومازال يمارس هذه الوظيفة في صحيفة نوافذ ثقافية وهي صحيفة الكترونية تابعة للهيأة العامة للثقافة.
وعن مهام هذه الادارة قال “تمنح الإدارة العامة للمطبوعات والمصنفات الفنية تراخيص مزاولة نشاط لعدد 3 جهات وهي دور النشر والتوزيع ، والمكتبات ، والمطابع ، كما تمنح اذونات و قرارات اصدار المجلات الدورية والجرائد، وكل جهة تتحصل على ترخيص من هذه الإدارة تتم متابعتها وفق تعهد تكون قد وقعت عليه قبل حصولها على الترخيص الذي لابد من تجديده سنويا ، والتجديد يشترط منحنا تقريرا ، يوضح اعمال الجهة المعنية التي قامت بها طيلة سنة مضت ، أما منح اذن المزاولة للصحف فهو مرتبط بشرطين لابد منهما الأول قبل الطباعة حيث لابد من تسليمنا نسخة لنقرر بعدها الموافقة على الطباعة من عدمها ، والأخر بعد الطباعة وهو إحالة 5 نسخ من كل عدد يصدر عن الصحيفة.
وعن سبب وضع شرط منحهم نسخة قبل الطباعة قال الغالي “من باب الحرص والتنبيه ، فاذا وجدنا مفردة من المفردات المرفوضة ، نعالج الامر بأسلوب يرضي الجميع وبعيدا عن سياسة فرض الرأي بالقوة ، ومن هذه المفردات التي نعتبرها معاييرعامة ينبغي التقيد بها ، عدم الإساءة للاديان والذات الإلهية والرسول “صلى الله عليه وسلم” وعدم مخالفتها للآدب والأخلاق العامة و عدم نشر الفتنة بين المدن و القبائل الليبية وما يماثلها ، ومن ذلك كتاب (شمس على نوافذ مغلقة) الذي صدر سنة 2017 متضمنا مفردات مخالفة لاخلاق المجتمع الليبي ، ولهذه الأسباب طالبنا عدة مرات بمنح موظفينا المكلفين بالرقابة على الكتب والمطبوعات في المكتبات، صفة مأمورية الضبط القضائي وخاطبنا وزارة الداخلية ورئاسة مجلس الوزراء و رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج ولكن لامجيب، لذا لايمكننا مصادرة أي كتاب أو مطبوعة مهما كانت مخالفة لقانون المطبوعات والمعايير العامة .
وحول المعايير التي تراها إدارة المطبوعات امرا ضروريا وملزمة المطبوعات به ، اتصلنا بالأستاذ الجامعي الدكتور”محمد الأصفر”، له 50 عاما في مجال التدريس الإعلامي و اشرف على العديد من مشاريع التخرج ورسائل الماجستير والدكتوراه في الاعلام الى جانب مشاركته في كتابة مسودة تتعلق بالمعاييرالأخلاقية لمهنة الاعلام ومكافحة خطاب الكراهية بالتعاون مع منظمات مجتمع مدني محلية تهتم بالاعلام منها المنظمة الليبية للاعلام المستقل والمنظمة الليبية لمناهضة خطاب الكراهية ، فقال “في ظل انتشار المليشيات المسلحة الخارجة عن سلطة الدولة وتعدد الحكومات والأجهزة والمؤسسات التشريعية والتنفيذية ، وغياب التشريعات والقوانين المنظمة للعمل الإعلامي، تظل مراقبة العمل الصحفي وتقييمه بشكل علمي دقيق ، أمرا يصعب تحقيقه، خاصة في غياب مواثيق الشرف الإعلامي التي تضمن التزام الصحفي الليبي بأخلاقيات المهنة ، هذا الصحفي الذي بات محصورا بين أمرين، أما ان يحاكم أو يتهم بالخيانة العظمى، وهذه القراءات تجعلنا ندرك أن الصحافة في ليبيا في حاجة إلى نقابات وروابط مهنية تدافع عن الصحفي وتحمي حقوقه ، وهذا يتطلب دعما حقيقيا من المجتمع المحلي والدولي لإعادة هيكلية العمل الإعلامي ، بما يتفق مع التطورات والنظم الحديثة .
ولم تقف بعض منظمات المجتمع المدني المهتمة بتنظيم قطاع الإعلام الليبي موقف المتفرج ، حيال الاجراءات التي تلزم الحكومة بها الصحف للحصول على اذن عمل ، ومن هذه المنظمات (الليبية المستقلة للاعلام ) التي يرأسها “رضا فحيل البوم” (36 سنة) وهو صحفي مستقل وقانوني وناشط مجتمع مدني ،متحصل على ماجستيرهندسة نفط من جامعة طرابلس،
وقد تعرض عدة مرات للحجز بسبب أرائه وكتاباته على مواقع التواصل الاجتماعي، وتحقيقاته الاستقصائية واخرها اعتقاله سنة 2019 فور وصوله لطرابلس اثر عودته من تونس حيث كان مشاركا في ندوة حوارية عن خطاب الكراهية ، و وصف “رضا” كل تلك الإجراءات “بالغامضة وغير الدستورية, معللا ذلك بقوله “لأن قانون المطبوعات الليبي يخالف الاعلان الدستوري المؤقت وكذلك المواثيق الدولية التي وقعت عليها الدولة الليبية، وبالتالي من البديهي أن نجد هذه الفوضى والتخبط في عملية تنظيم الإعلام”
ومن داخل صحيفة أصوات ، أول صحيفة مستقلة تصدر عن شبكة أصوات للإعلام وهي منظمة مجتمع مدني غير حكومية وغير ربحية مهتمة بتغطية المواضيع الخدمية والحقوقية، حيث أوضحت لنا مدير التحرير “ربيعة حباس” العراقيل التي واجهتها اثناء تسجيل الصحيفة، فقالت: صحيفة أصوات من المشاريع التي تعمل عليها شبكة اصوات كنوع جديد من الصحافة التي تعزز ثقافة الصحافة المهنية المستقلة و تتناول المواضيع بشكل حيادي ومتزن.
منوهة إلى أن عملية التسجيل لم تتم تحت اشراف الادارة العامة للمطبوعات والمصنفات الفنية ( السابق ذكرها) كبقية الصحف الليبية الخاصة، ومع ذلك تعمل الصحيفة وفق الترخيص الممنوح لمزاولة عمل الشبكة الصادر من مفوضية المجتمع المدني طرابلس، حتى تستطيع العمل بدون قيود⛓ وتحافظ على استقلاليتها.
ختاما ..يبقى السؤال المطروح هل تعتبر آلية عمل إدارة المطبوعات حاليا سبب التخبط الذي تعيشه وسائل الإعلام “الصحف والمجلات” والعاملين فيها، لإنها غير متوافقة مع المعايير والمواثيق الدولية المتعلقة بحرية الإعلام وحقوق الإنسان؟
تقرير “غياب الشفافية في الآطر التنظيمية لتراخيص وسائل الإعلام المقروء” “الصحف”
ضمن سلسلة تقارير بعنوان “تقارير من أجل التغيير”
“تم إنتاج هذا التقرير بدعم من الإتحاد الأوروبي ضمن مشروع ” أصوات من أجل التغير” بالشراكة مع معهد صحافة الحرب و السلام و محتوياته هي مسؤولية شبكة اصوات ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر الإتحاد الأوروبي”
#شبكة_أصوات_للإعلام
#صحيفة_أصوات
www.aswat.ly
إعداد/ حسام الطير