بالنيابة عن ائتلاف منصة ليبيا، العدالة للجميع تطعن على اللائحة (286) بخصوص تنظيم مفوضية المجتمع المدني
تقدمت جمعية العدالة للجميع بالنيابة عن ائتلاف منصة ليبيا، بطعن[1] ببطلان القرار الإداري رقم 286 الصادر في عام 2019 من قبل المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني؛ وهو القرار الخاص باعتماد اللائحة التنظيمية لعمل مفوضية المجتمع المدني. وتم تقديم الطعن أمام دائرة القضاء الإداري الثانية بمحكمة استئناف طرابلس، ويحمل رقم 293 لسنة 2021. وفي 27 سبتمبر الماضي، نظرت المحكمة في الطعن وقررت تأجيل إصدار قرارها إلى غدا الاثنين 4 أكتوبر، بناء على طلب إدارة القضايا للإطلاع على أسباب الطعن وإعداد الرد عليها.
وقد استند الطعن إلى الأسباب التالية:
مخالفة القرار للقانون؛ إذ أنه لم يتضمن قواعد وإجراءات عمل مفوضية المجتمع المدني، التي يزعم أنه صدر لتنظيم عملها باعتبارها أحد مرافق الدولة. بدلأ من ذلك، استهدف القرار تنظيم ممارسة الحق في حرية تكوين الجمعيات؛ وهو الإجراء الذي يخالف المادة 15 من الإعلان الدستوري لعام 2011، والتي اشترطت تنظيم الحق في حرية تكوين الجمعيات بموجب قانون يصدر عن السلطة التشريعية، وهو ما يجعل القرار مفتقدًا للمشروعية وفقا لأحكام المحكمة العليا[2].
مخالفة القرار للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. حيث تحتوي اللائحة المذكورة على العديد من القيود التي من شأنها أن تقف حائلة دون ممارسة الحق في حرية تكوين الجمعيات على النحو الوارد بالعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية وبما يخالف تفسيرات لجنة حقوق الإنسان بالأمم المتحدة والمقرر الخاص لحرية تكوين الجمعيات[3] وهو ما يجعل القرار 286 مخالفًا لالتزامات ليبيا الدولية في مجال حقوق الإنسان.
جدير بالذكر أنه في الوقت الذي يسعى فيه مقدمو الطعن إلى التخلص من لائحة 286 الجائرة، فاجأت حكومة الوحدة الوطنية الجميع بإعلانها مؤخرًا عن إعدادها للائحة جديدة قمعية[4] لتنظيم المجتمع المدني، وهو الأمر الذي يُعد استمرارا لسياسة تغوّل السلطة التنفيذية على مهام السلطة التشريعية. ويكشف الإطلاع على مقترح اللائحة الجديدة، التي لا يختلف مضمونها عن سابقتها، عن مواصلة الحكومة السير على نفس درب الحكومات السابقة التي تجاهلت مطالب المجتمع المدني بقانون لتنظيم الجمعيات يتسق مع المعايير الدولية لحرية تكوين الجمعيات. ونشير هنا إلى أن المجتمع المدني لم يكتفي بالمطالبة بالقانون، بل قام بإعداد عدة مشروعات للقانون، وسعى لطرحها على مجلس النواب، لكنه لم يتلق أدنى استجابة. ومؤخرًا قام ائتلاف منصة ليبيا بإعداد مشروع قانون جديد للجمعيات ويستعد لطرحه للنقاش على مجلس النواب.
وأخيرًا، تُطالب جمعية العدالة ومنظمات ائتلاف المنصة كافة السلطات الليبية بالالتزام بالمعايير الدولية لحرية تكوين الجمعيات، والتخلص من القرارات الإدارية واللوائح التنظيمية المعرقلة لعمل المجتمع المدني، والمخالفة لالتزامات ليبيا الدولية. وبينما تُطالب العدالة للجميع ومنظمات ائتلاف المنصة السلطة التنفيذية بتدريب كوادر مفوضية المجتمع المدني على التعامل مع الجمعيات ككيانات مستقلة وليس كجهات تابعة للمفوضية أو موظفيها؛ فإنها تُطالب مجلس النواب بسرعة وجدية التفاعل مع مشروع القانون المقدم من ائتلاف منصة ليبيا.
طرابلس -ليبيا
3 أكتوبر 2021
…………………………………………………………………………………………………………………………………………………….
[1] ساهم مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، في إطار تنسيقه لأنشطة ائتلاف منصة ليبيا، بإعداد الطعن.
[2] ذلك بالقياس على حكمي المحكمة العليا الليبية، بخصوص الطعن الإداري رقم 37/39 الصادر في ديسمبر 1991، والطعن الإداري رقم 163/49 الصادر في نوفمبر 2005. إذ جاء في الأول: «أن الفقه جرى على أن العمل الإداري لا يفقد صفته الإدارية ولا يكون معدومًا إلا إذا كان مشوبًا بمخالفة جسيمة، وذلك بأن كان القرار معيبًا بعيب جوهري من شأنه أن يجعله من قبيل الفعل المادي، كأن تباشر السلطة التنفيذية عملًا من اختصاص السلطة التشريعية أو السلطة القضائية». بينما أكد الثاني أن: «القرار الإداري إذا كان مشوبًا بعيب عدم الاختصاص، فإنه يكون معدومًا بسبب ما شابه من عيب جسيم ولا يتقيد رفع الدعوى في هذه الحالة بميعاد معين».
[3] تقرير المقرر الخاص المعني بالحق في حرية التجمع الـسلمي والحـق في حرية تكوين الجمعيات، ماينا كياي، ص 15، الفقرة 60 -62، وص18، الفقرة 75 و76.
[4] وفق أحكام اللائحة الجديدة، يكون للإدارة المُنظِّمة لعمل المجتمع المدني مُنفردة حق قبول أو رفض التسجيل، المادة 80 فيما يتعلق بالمنظمات الأجنبية، والمادة 85 فيما يتعلق بالمنظمات المحلية. والموافقة على فتح حساب بنكي للجمعية، فضلًا عن إمكانية إغلاقه أو تجميده. لمادة 68 كما تجبر اللائحة الجمعيات على الحصول على تصريح مسبق من الإدارة المنظمة قبل التواصل مع مكاتب الأمم المتحدة، المادة 66 أو قبول أي تبرعات المادة 61.